القاتل الصامت

18 فبراير، 2019  
ارتفاع ضغط الدم الشرياني.. المرضُ القاتل الذي يُعرف بالمرض الصامت، باتَ اليوم مرضَ العصر الأول، والهاجسَ الصحي للجميع حتى في مرحلة الشباب، فالحياةُ اليوميةُ أصبحت سلسلةً من التوترات والضغط النفسي والقلق العصبي الذي لا ينتهي، إضافةً إلى النظام الغذائي الصناعي الفائض بالأملاح الضارّة والدهون المشبعة التي تُخِل بتوازن الجسم وتخلق ضغطاً على الأعضاء الحيوية كافةً، وخاصةً الشرايين، لتكون النتيجة الإصابة بارتفاع الضغط الشرياني.
ومع الأسف، ونتيجةً لاستحالة التحكم بالضغوطات النفسية ونمط الحياة السلبي، غالباً ما يفقد المريض السيطرة على حالته، لتتفاقم بصمتٍ في غفلةٍ منه وصولاً إلى النتيجة الكارثية التي تنفجر كنوبةٍ قلبيةٍ مفاجئة أو سكتةٍ دماغيةٍ قد تودي بحياة المريض، أو تتسبب له بخسائرَ صحيةٍ فادحةٍ لا تُعوّض، كالشلل، أو تلف عضو حيوي في الجسم مثل القلب والأوعية الدموية والكلى وغيرها.
وتكمن الخطورة الشديدة لهذا المرض في أنّ الإنسان قد يُصاب به لسنين دون ظهور أيّة أعراضٍ تشير إليه، ويتطور بصمتٍ مع مرور الزمن، ومع أنّ المصابين بارتفاع ضغط الدم يعانون من حالات ضيق التنفس، والصداع، والألم في مؤخرة الرأس، ونزيف الأنف، والغثيان، إلّا أنّ هذه العلامات والأعراض ليست محددةً ولا تحدث عادةً إلّا بعد بلوغ ارتفاع ضغط الدم مرحلةً حادةً ومهددةً للحياة.
وهناك نوعان من ضغط الدم المرتفع:
1- ارتفاع ضغط الدم الأساسي (الجوهري): وهو مجهول المصدر ولا يوجد سبب محدّد للإصابة به ويتطور تدريجياً مع مرور السنوات، ويُعرف أيضاً بارتفاع ضغط الدم الأولي.
2- ارتفاع ضغط الدم الثانوي: ويكون سببه حالةٌ مرضيةٌ محددة، وغالباً تكون هذه الحالة المرضية كامنةٌ لدى المريض وغير واضحة، ويظهر ارتفاع ضغط الدم الثانوي فجأةً ويكون معدل ارتفاعه أكبر من ارتفاع ضغط الدم الأساسي الأولي، وهناك العديد من الأمراض والأدوية التي تتسبب بارتفاع ضغط الدم الثانوي، أهمها:
العيوب الخلقية في الأوعية الدموية التي يولد بها المريض.
انقطاع التنفس الإنسدادي النومي.
أمراض الكلى.
أمراض الغدة الدرقية.
أورام الغدة الكظرية.
التسمم الحملي والذي يحدث في الشهور الأخيرة من الحمل.
الإدمان على الكحوليات بشكل مزمن.
تناول أنواع من العقاقير المحظورة كالأمفيتامينات والكوكايين وغيرها.
استخدام بعض أنواع الأدوية الشائعة دون وصفات طبية، مثل مسكنات الألم ومزيلات الاحتقان وحبوب منع الحمل.
عوامل ارتفاع ضغط الدم:
تلعب عواملٌ مختلفةٌ دوراً أساسياً في الإصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني، وهذه العوامل هي:
1- العِرق:
تختلف نِسبُ الإصابة بارتفاع ضغط الدم وفقاً لاختلاف السلالة العرقية، إذ أنّ أصحاب البشرة السمراء معرضون للإصابة به بشكل كبير وبأعمارٍ مبكرة، أكثر من ذوي البشرة البيضاء.
2- العمر:
يلعب التقدم في العمر دوراً كبيراً في زيادة نسب احتمال الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
3- نوع الجنس:
نسبة إصابة الذكور بارتفاع ضغط الدم في مرحلة الشباب ومنتصف العمر مرتفعة أكثر من الإناث، وتتساوى نسبة الإصابة بين الجنسين بعد سن 55 وحتى سن 64، بينما تزداد معدلات إصابة الإناث بارتفاع ضغط الدم أكثر من الذكور بعد عمر 65.
4- التاريخ العائلي:
تزيد احتمالية الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم لدى الأشخاص الذين لديهم سجل عائلي من الإصابة به، إذ يعدّ مرضاً وراثياً.
5- انخفاض معدل النشاط البدني:
يزداد معدل ضربات القلب لدى الأشخاص الذين لا يمارسون نشاطات بدنية، ما يحمّل القلب عبء ارتفاع عدد الانقباضات في الدقيقة لضخ الدم، وذلك يسبب ازدياد القوة الضاغطة على الشرايين.
6- زيادة الوزن والسمنة:
ارتفاع الوزن يتناسب طرداً مع ارتفاع كمية الدم اللازم لنقل الأكسجين والمواد الغذائية اللازمة للأعضاء، وكلما ازداد حجم الدم الذي ينتقل خلال الأوعية الدموية كلما ازداد الضغط على جدران الشرايين.
7- التدخين:
يُسبب التدخين أو تناول التبغ بأشكاله المختلفة كالمضغ مثلاً وكذلك التدخين السلبي إلى الارتفاع الفوري لضغط الدم، كما تسبب المواد الكيميائية الموجودة في التبغ والسجائر اتلاف بطانة جدران الشرايين ما يؤدي إلى تضيُّق الشرايين وبالتالي ارتفاع ضغط الدم.
8- الحساسية تجاه الصوديوم:
يعاني البعض من ارتفاع نسبة أملاح الصوديوم نتيجةً لميل أجسامهم إلى تخزين الصوديوم، أو بسبب ارتفاع معدلات الصوديوم في نظامهم الغذائي، ما ينتج عنه احتفاظ الجسم بالسوائل وبالتالي ارتفاع ضغط الدم.
9- نقص البوتاسيوم:
يعمل البوتاسيوم على توازن نسبة أملاح الصوديوم في الخلايا، وبالتالي فإنّ نقص البوتاسيوم يسبب تراكم الصوديوم في الدم ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.  
10- نقص فيتامين (د) في النظام الغذائي:
إذ يمكن أن يؤثر نقص هذا الفيتامين في أحد الأنزيمات التي تنتجها الكلى والتي تؤثر في ضغط الدم.
11- الشدة النفسية:
وهي من أكثر العوامل الخارجية تسبباً في حدوث مشاكل ضغط الدم.
أخطر المضاعفات المرضية الناتجة عن ارتفاع ضغط الدم:
1- فشل القلب:
نتيجةً للتضخم الحاصل في عضلة القلب التي يسبب لها ارتفاع ضغط الدم حملاً كبيراً لضخ الدم الكافي لتلبية احتياجات الجسم.
2- فقدان الرؤية:
بسبب تمزق الأوعية الدموية المتضخمة والمتضيقة في العينين.
3- الفشل الكلوي:
وينتج عن تضيّق وضعف الأوعية الدموية في الكلى بسبب ارتفاع ضغط الدم.
4- متلازمة الأيض:
وهي مجموعة من الاضطرابات التي تصيب عمليات الأيض في الجسم، مسببةً ارتفاع نسبة الدهون الثلاثية، وانخفاض مستوى الكوليسترول الجيد، وزيادة محيط الخصر، وارتفاع مستويات الأنسولين.
5- النوبات القلبية.
6- السكتات الدماغية.
7- تمدد الأوعية الدموية وانتفاخها، ما يؤدي إلى الإصابة بما يسمى (أم الدم)، وفي حال تمزق هذه الأوعية الدموية تكون الحالة مهدّدة للحياة.
8- تصلب الشرايين:
وهو حدوث أذيّة في مرونة الشرايين، أو تجمع دهني على جدار الشرايين والذي يسمى (التصلب العصيدي)، وذلك بسبب ارتفاع ضغط الدم الشرياني.
رغم أنّ ارتفاع ضغط الدم من أكثر الأمراض صعوبةً من حيث السيطرة الكليّة عليه، وذلك لصعوبة التحكم بكافة العوامل المؤثرة في حدوثه إلى جانب صعوبة اكتشافه وغياب أعراضٍ تنّبه لبدء الإصابة به، إلّا أنّ الإجراءات الوقائية البسيطة تستطيع الحدَّ كثيراً من سلبياته ومضاعفاته، وأهم هذه الإجراءات الوقائية البدءُ بقياس ضغط الدم منذ الطفولة خلال الفحوصات الدورية السنوية كإجراءٍ صحي طبيعي روتيني.

Comments

Popular posts from this blog

The paintings from Minecraft were first real paintings.

30+ Hilariously Relatable Illustrations About The Struggles Of Raising A Baby

iTunes Flash is Available on 3uTools Now!