الدولة تمد يدها لإنقاذ أصحاب المعاشات بـ«القانون»

10:24 ص | الجمعة 28 يونيو 2019
الدولة تمد يدها لإنقاذ أصحاب المعاشات بـ«القانون»
الدولة تمد يدها لإنقاذ أصحاب المعاشات بـ«القانون»


«التأمينات الاجتماعية والمعاشات».. تشريعات «منتهية الصلاحية» مر عليها 40 عاماً، لم تستجب خلالها لمحاولات إفاقتها من «الغيبوبة»، فاضطرت الحكومة للبحث عن «مولود» جديد يحل محلها، يرى النور قريباً بقانون موحد للتأمينات والمعاشات، بعد أن تأكدت أن التشريعات الحالية أصبحت فى حكم «المتوفى إكلينيكياً».
فالقوانين الحالية تعانى من تشوهات عديدة، تسببت فى إصابة نظام التأمين الاجتماعى بأمراض مزمنة لم يعد يفلح معها التدخل الدوائى، كالتشابك المالى مع الخزانة العامة وبنك الاستثمار، فكانت مضاعفاته 696.495 مليار جنيه مديونيات، وانهيار نظامه المالى، وتحملت الدولة نتائجه بزيادات سنوية للمعاشات، ضغطت على مفاصل الموازنة ورفعت من معدلات عجزها. ولكن يبدو أن قانون التأمينات الموحد، الذى بدأت الحكومة فى إعداده منذ 4 سنوات وبالتحديد فى 2015، سيتجنب ما وقعت فيه القوانين الحالية، حيث وُضع نظام اكتوارى جديد، يضمن استدامتها المالية، وخُصص صندوق استثمارى لإدارة أموال التأمينات والمعاشات، يضمن تعظيم مواردها مستقبلاً، ووضعت آلية جديدة لفض التشابك مع وزارة المالية وسداد المديونية الموجودة لديها.
ويضمن النظام الجديد وضع آلية واضحة لزيادة المعاشات ورفع حدها الأدنى لتحسين مستوى معيشة مستحقيه، بربطه بمعدلات التضخم والأجور، بل خفض الاشتراكات الخاصة بالنظام التأمينى، وأعفى أصحاب الأعمال من نسبة التأمين على «العمالة اليومية» لتحفيزهم على الاشتراك.
وينتظر البرلمان، خلال الأيام المقبلة، إحالة النسخة النهائية لمشروع القانون، بمجرد إقرار مجلس الوزراء له، تمهيداً لمناقشته وإقراره خلال دور الانعقاد المقبل، لاستكمال منظومة التشريعات العمالية.

«التأمينات الجديد»: نظام لزيادة المعاش بربطه بـ«الأجور والتضخم»

 مزايا كثيرة وضعتها الحكومة بمسودة مشروع قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الجديد، لمعالجة التشوهات الكثيرة بالقوانين الحالية للتأمينات، أبرزها وضع آلية جديدة لرفع الحد الأدنى للمعاشات والزيادات الدورية لها، واستثمارها بشكل اقتصادى يضمن استدامتها المالية، ووضع عقوبات صارمة تصل للسجن والغرامة للتصدى لظاهرة التهرب من دفع اشتراكات التأمينات.

الحد الأدنى للمعاش: 65% من أقل اشتراك تأمينى.. والزيادة 15% من معدل التضخم

وفض التشريع، الذى حصلت «الوطن» على نسخة من المسودة الخاصة به، التشابكات المالية مع الخزانة العامة وبنك الاستثمار القومى، على حسب ما جاء بالمسودة، بإلزام الخزانة العامة بسداد مبلغ 160.5 مليار جنيه سنوياً للهيئة القومية للتأمين الاجتماعى لمدة 50 عاماً، ويزداد هذا المبلغ بنسبة 5.7% مركبة سنوياً، مقابل تحمل الهيئة كامل التزامات الخزانة العامة الحالية والمستقبلية فى المعاشات القائمة وزيادة المعاشات السنوية، وشطب المبالغ المستحقة للتأمينات لدى الخزانة العامة وبنك الاستثمار وعوائدها السنوية والتى تبلغ نحو 696.495 مليار جنيه مقسمة كـ(367.40 مليار صكوك، و216.08 مديونية، و56.512 مليار جنيه بنك الاستثمار، و56.503 مليار جنيه مديونية 2018 - 2019).

تحويل صناديق المعاشات لـ«ذراع اقتصادية للدولة» بالمشاريع الاستثمارية  

وربط التشريع بين الحد الأدنى للمعاش والحد الأدنى للأجر، لضمان حصول صاحب المعاش على مبلغ يناسب مستوى المعيشة، ووضع آلية لزيادة المعاشات بنسبة من معدل التضخم فى الدولة يتحملها نظام التأمين الاجتماعى بحد أقصى للزيادة 15% من نسبة التضخم، كما استحدث التشريع معاشاً إضافياً قائماً على الاشتراكات المحددة، واختيارى للمؤمّن عليهم لمن يرغب فى تحسين قيمة المعاش المستحق له، على أن يضاف للمعاش الأساسى.

توجيه أموال المعاشات لـ«العقارات والصناعة والزراعة»

كما وضع التشريع، لأول مرة، حوافز تشجيعية للتأمين على العمالة غير المنتظمة مثل تحمل الخزانة العامة حصة صاحب العمل لهم.
وحدد القانون الحد الأدنى للمعاش بـ65% من الحد الأدنى لأجر الاشتراك التأمينى بدلاً من المبلغ المحدد الآن بقيمة 900 جنيه.

صرف بدل بطالة يصل لـ7 أشهر 


وذلك على عكس النظام القائم حالياً، الذى يحصل خلاله أصحاب المعاشات على مستحقات ضئيلة، تعتمد على ما تقرره الدولة من زيادة تتحملها من الخزانة العامة للدولة، نتيجة أن القوانين الحالية لا يوجد بها آلية لزيادة المعاشات مرتبطة بمعدلات التضخم ورفع مستوى المعيشة، وهو ما دفع الدولة للتدخل سنوياً لمعالجة المعاشات، وتحمل الخزانة العامة نحو 60% من المعاشات المنصرفة، هذا علاوة على أن طرق حساب المعاشات بالقوانين الحالية مختلفة على حسب كل فئة من العمال، سواء كانوا عاملين لدى الغير أو أصحاب أعمال، أو حتى المصريين العاملين بالخارج والعمالة غير المنتظمة، بشكل تسبب فى النهاية فى الطعن بعدم الدستورية عليها.
أما القانون الجديد فوضع قاعدة واحدة لحساب المعاش لجميع فئات القوى العاملة بالدولة لتحقيق المساواة.
كما وضع القانون خطة لرفع سن المعاش لمعالجة العجز المالى والاكتوارى فى نظام المعاشات وتخفيف العبء على الخزانة العامة كالآتى: (تكون سن الـ60 للعاملين لدى الغير والعاملين المصريين بالخارج، ثم تزداد لتكون 65 فى أول يوليو 2040 على أن يكون ذلك بالتدرج بقرار من رئيس الوزراء، بحيث تكون سن المعاش 61 عاماً فى يوليو 2032، و62 عاماً فى يوليو 2034، و63 عاماً فى يوليو 2036، و64 عاماً فى يوليو 2038، و65 عاماً فى يوليو 2040)، على أن تكون سن المعاش للمؤمّن عليهم من فئات أصحاب الأعمال والعمالة غير المنتظمة 65 عاماً. كما خفض القانون نسب اشتراكات التأمين الاجتماعى لتشجيع أصحاب الأعمال للتأمين على العاملين، مع الحفاظ على المزايا الموجودة فى قوانين التأمين الاجتماعى الحالية.

حساب بنكى كـ«مكافأة نهاية الخدمة» يشمل عوائد الاستثمار 

ويشترط القانون الجديد لاستحقاق العامل للمعاش بعد بلوغ سن التقاعد، توافر مدة اشتراك تأمينى 15 سنة، بعد أن كانت فى القانون الحالى 10 سنوات فقط، كما اشترط القانون توافر مدة 25 سنة فعلية كاشتراك تأمينى لاستحقاق المعاش المبكر، كما يجب توافر مدة تعطى معاشاً لا يقل عن 50% من أجر التسوية والحد الأدنى للمعاش، بعد أن كان يشترط القانون الحالى 20 سنة كاشتراك تأمينى فقط.

تقديم حوافز تشجيعية للتأمين على العمالة غير المنتظمة 

وطبقاً لمشروع القانون يتم احتساب «تأمين البطالة»، أو كما يسميه البعض «بدل البطالة»، ويُعتبر من التأمينات كتأمين الشيخوخة والصحى، والذى تقدمه الدولة لدعم العاطلين عن العمل حتى يحصلوا على وظيفة، كالآتى: 75% من أجر الاشتراك التأمينى للأربعة أسابيع الأولى، و65% من أجر الاشتراك التأمينى للأربعة أسابيع الثانية، و55% من أجر الاشتراك التأمينى للأربعة أسابيع الثالثة، و45% لباقى الأسابيع. وتكون مدة الصرف 12 أسبوعاً (3 أشهر) إذا كانت مدة الاشتراك التأمينى أقل من 36 شهراً، بينما تكون 28 أسبوعاً (7 أشهر) إذا كانت مدة الاشتراك تجاوز 36 شهراً. كما يتم وضع أكثر من 2% من الأجر الشامل للعامل فى حساب شخصى يتضمن عوائد الاستثمار، لصرفه له كـ«مكافأة نهاية الخدمة».
وضم مشروع القانون صندوقى التأمينات والمعاشات فى صندوق واحد موحد، على أن تتولى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى إدارته، ويكون للهيئة الشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإدارى وتتبع وزير التضامن الاجتماعى، على أن تلتزم الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بتقديم قوائم مالية سنوية وربع سنوية إلى رئيس الجمهورية ومجلسى الوزراء والنواب.
ويتولى إدارة الهيئة مجلس إدارة يتكون من رئيس متفرغ من ذوى الخبرة فى مجال المعاشات والتأمين الاجتماعى ونواب متفرغين لرئيس الهيئة من ذوى الخبرة المتعلقة بنشاط الهيئة. ويُشكل مجلس الإدارة بقرار من رئيس الجمهورية لمدة 4 سنوات ويكون التجديد لرئيس الهيئة ونوابه وممثلى أصحب المعاشات والخبراء لمرة واحدة فقط.
وذلك على عكس القانون الحالى الذى أنشأ صندوقين، الأول للعاملين بالحكومة والثانى للعاملين بالقطاع العام والخاص، ويتولى كل صندوق بفروعه تقديم الخدمة التأمينية للفئات الخاضعة له، ما أدى إلى تكرار العمليات والإجراءات التأمينية وكذلك تكرار التكلفة.
وعلى مستوى استثمار أموال التأمينات والمعاشات، أنشأ التشريع الجديد صندوقاً لإدارة واستثمار أموال الصندوق، والذى سيضم أموال التأمينات والمعاشات، ويُشكل مجلس من الأمناء المتخصصين فى استثمار أموال التأمين الاجتماعى لإدارة الصندوق الاستثمارى، وسمح القانون للهيئة بإنشاء صندوق للاستثمارات العقارية، على أن يصدر رئيس الجمهورية القرارات اللازمة لتخصيص الأصول العقارية للهيئة على أن تشكل لجنة بقرار من رئيس مجلس الوزراء لتقييم هذه الأصول، ويتولى إدارة الاستثمارات التابعة للصندوق خبراء اقتصاديون متخصصون على أعلى مستوى مقابل أجور ومكافآت مجزية.
وأتاح مشروع القانون للصندوق الاستثمار فى مختلف أنشطة الاستثمار، سواء استثمار صناعى أو زراعى أو عقارى أو غيره، ما يؤدى إلى تكوين كيان استثمارى ضخم تعتمد عليه الدولة فى مختلف المشاريع الاستثمارية. وتلتزم هيئة التأمينات، طبقاً للقانون، باستثمار 75% من فائض أموالها فى أذون وسندات الخزانة العامة، ويجوز تخفيض هذه النسبة إلى 65% بعد الاتفاق بين وزيرَى التضامن والمالية. وذلك بعكس القانون الحالى الذى لا يوجد به أى نصوص قانونية لاستثمار أموال التأمين الاجتماعى بشكل جعل كل صندوق يتولى استثمار جزء من أموال التأمين الاجتماعى الخاصة به، وهو ما كان له أثر سلبى على عوائد استثمار أموال التأمينات.
كما حاول القانون الجديد وضع نظام جديد لحوكمة أموال التأمينات والمعاشات، فألزم جهات الدولة المختلفة بتوفير البيانات اللازمة عن المواطنين إلكترونياً دون طلبها من أصحاب الشأن، بعكس القانون الحالى الذى لا يوجد به أى نصوص قانونية تلزم جهات الدولة المختلفة بالربط الإلكترونى مع الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى.
ووضع التشريع الجديد أيضاً نظاماً جديداً لضمان سلامة النظام الاكتوارى والاستدامة المالية له، من خلال تشكيل لجنة من الخبراء تتولى وضع الأسس والفروض الاكتوارية وإعداد التقييم الاكتوارى لنظام التأمين الاجتماعى فى مصر، بعكس القانون الحالى الذى خصص خبيراً اكتوارياً لكل صندوق بشكل سبّب اختلال الفروض والأسس الاكتوارية التى يتم على أساسها إعداد التقييم الاكتوارى لكل صندوق.
وفيما يتعلق بالعقوبات التى فرضها القانون لمنع التهرب من دفع اشتراكات التأمينات والمحافظة على حقوق المؤمّن عليهم، فرض التشريع عقوبة فى حالة منع العاملين بالهيئة ممن لهم صفة الضبطية القضائية من دخول محل العمل، أو عدم تمكينهم من الاطلاع على السجلات والدفاتر والمستندات والأوراق التى يتطلبها تنفيذ القانون، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، بدلاً من الحبس شهراً وغرامة 100 جنيه الموجودة بالقانون الحالى.
كما عاقب التشريع كل من حصل على أموال الهيئة بغير حق أو قام بإعطاء بيانات غير صحيحة أو امتنع عن إعطاء بيانات يجب الإفصاح عنها بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه، وذلك بدلاً من الحبس مدة لا تجاوز 3 شهور وغرامة لا تزيد عن 500 جنيه.
وحول فلسفة مشروع القانون الجديد، أوضحت الحكومة، خلال المسودة الخاصة به، أنه يركز على فض التشابكات المالية بين الخزانة العامة وبنك الاستثمار القومى، بشكل جذرى ومنع ظهور تشابكات مالية فى المستقبل وسداد أموال التأمينات الموجودة لدى وزارة المالية، علاوة على الاستمرار فى نظام المزايا الموجودة بالقوانين الحالية الخاصة بالتأمينات. كما تستهدف فلسفة القانون توحيد نسب اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة لمختلف فئات المؤمّن عليهم، سواء كانوا عاملين لدى الغير، أو أصحاب أعمال، أو مصريين بالخارج، مع إقرار زيادة دورية للمعاشات بالقانون يتحملها نظام التأمين الاجتماعى.
وفى السياق نفسه، طالب النائب عبدالفتاح الجبالى، رئيس لجنة القوى العاملة بالبرلمان، فى تصريحات لـ«الوطن»، الحكومة بسرعة الانتهاء من الصياغة النهائية لمشروع القانون وإحالته لمجلس النواب، للبدء فى مناقشته بشكل سريع وعاجل داخل البرلمان، لاستكمال منظومة التشريعات العمالية التى أصدرها البرلمان لإصلاح منظومة العمالة فى مصر

Comments

Popular posts from this blog

The paintings from Minecraft were first real paintings.

30+ Hilariously Relatable Illustrations About The Struggles Of Raising A Baby

iTunes Flash is Available on 3uTools Now!